top of page
بحث

بداية مجد

تاريخ التحديث: ٢١ أبريل


معرفة الإنسان بتاريخه وإرث وطنه يجدد في روحه معاني الطموح والعطاء لاستكمال سعي الأجداد وتطوير ما ورّثوه له، وهذا ما اتفق عليه روّاد علم الاجتماع، فالشعب الذي يعتز بجذوره التاريخية ويمتلك ارتباط تاريخي وثيق بقادته تجده دائمًا في سعي مستمر لتنمية وطنه وجعله في مصاف الدول المتقدمة، وعلى هذا المبدأ سار الشعب السعودي بافتخارٍ واعتزاز بتاريخ وطنه وطموحٍ لمستقبل مليء بالإنجازات، ولهذا ففي يوم 27 يناير من عام 2022م أصدر الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- أمرًا ملكيًا أن يكون يوم 22 فبراير من كل عام يوماً لذكرى تأسيس الدولة السعودية، باسم (يوم التأسيس)، ويصبح إجازة رسمية.

يوم التأسيس هو مناسبة وطنية لتخليد ذكرى تأسيس الدولة السعودية الأولى وإبراز عمقها التاريخي على مدار ثلاثة قرون على يد المؤسس الإمام محمد بن سعود -رحمه الله- الذي أسس الدولة السعودية الأولى وتولى الحكم في يوم 22 فبراير وهي مناسبة تختلف عن اليوم الوطني السعودي، فاليوم الوطني يُعَبِّر عن اليوم الذي تم فيه إعلان توحيد المملكة العربية السعودية على يد الموحّد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- والذي يوافق 23 سبتمبر 1932م، وكلتاهما مناسبتان وطنيتان مهمتان وتمثل معالم خالدة في تاريخ وطننا الغالي أبطالها سطروا أروع المواقف والتضحيات لتأسيس وتوحيد هذه البلاد المباركة فرحمهم الله جميعًا وطيب الله ثراهم.


 

ما هو شعار التأسيس؟

يتكون شعار يوم التأسيس من خمس مكونات وهي: النخلة، والصقر، والعلم السعودي، والخيل العربية والسوق، وهذه الخمسة عناصر تمثل التراث العربي الأصيل والمقومات الأساسية لحياة الشخص العربي.

  



عاصمة التأسيس

 تقع الدرعية عاصمة الدولة السعودية الأولى في وسط الجزيرة العربية جنوب هضبة نجد والمعروفة بإقليم اليمامة والذي يضم سلسلة جبال طويق والتي تمتلك مكانة تاريخية وذُكرت في كثير من القصائد والأشعار، وايضًا قد أشار لها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان آل سعود -حفظه الله- وضرب بها المثل قائلًا: "همة السعوديين مثل جبل طويق".

ومن المعروف عن الدرعية أنها مركز ثقافي ذو جذور تاريخية تصل للقرن الخامس عشر الميلادي حيث تأسست الدرعية في عام 850هـ الموافق 1446م على يد الأمير مانع بن ربعية المريدي الحنفي وهو الجد الثاني عشر للملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمهم الله جميعًا- ، وكان الأمير مانع بن ربيعة ورجاله قد أتوا من شرق الجزيرة العربية إلى وسطها لتأسيس الدرعية بهمة كبيرة وطموح لتأسيس دولة ذات سيادة وحكم مستقل لبسط الأمن والاستقرار في المنطقة بعد ما عانت من إهمال وتهميش متعمد عبر عدة قرون وذلك لسيطرة أعراق اخرى عليها وعلى بعض مناطق الجزيرة العربية.

وبعزم الأمير مانع بن ربيعة تأسست الدرعية على أطراف وادي حنيفة التاريخي وعاد الاستقرار إلى المنطقة، وتوسعت الدرعية عبر التاريخ عدة توسعات وانتقل حكم الدرعية إلى أولاد الأمير مانع بن ربيعة ثم إلى أحفاده ونمت المنظومة الإدارية والاقتصادية للدولة وكذلك جرى الأمر حين تولى الحكم الإمام محمد بن سعود في عام 1727م حيث توّج هذا التطور والنمو بتأسيس الدولة السعودية الأولى كدولة مستقلة ذات سيادة لتحكم اجزاء كبيرة من الجزيرة العربية وعاصمتها الدرعية.

 

رَجُل التأسيس

‏ولد الإمام محمد بن سعود -رحمه الله- في الدرعية و تربى في بيت إمارة وعز وتعلم السياسية والإدارة وكيفية التعامل مع الإمارات المجاورة للدرعية، وقام بتأسيس الدولة السعودية الأولى وكان تأسيس وتوحيد الدولة السعودية الأولى قد تكون بشكل سلمي وطوعي فكثير من البلدان المجاورة للدرعية دخلت في حكم الإمام محمد بن سعود عن اختيار وليس نتاج معارك وحروب لما رأوه في الإمام محمد بن سعود من صفات القائد الفطين، وقد كان رحمه الله إمامًا ذو حكمة ونظرة سياسية فذة وعُرف عنه صفات كثيرة مثل التدين والفطنة والشجاعة والقدرة على التأثير ، وقد ناصر الإمام محمد بن سعود دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب الإصلاحية التي ساهمت في نشر العقيدة والشريعة الإسلامية الصحيحة في أرجاء الجزيرة العربية، وتصدى رحمه الله للعديد من الحملات التي أرادت القضاء على نواة هذه الدولة المباركة وقام ببناء سور الدرعية لردع تلك المحاولات.

توفى الإمام محمد بن سعود رحمه الله في عام 1765م، بعد أن أسس الدولة السعودية الأولى بأربعين عام.

 


ما بعد التأسيس

وصف المؤرخون الحالة الأمنية والسياسية التي مرت بها الجزيرة العربية ما قبل القرن الثامن عشر بكثرة التناحر وضياع الأمن والتنازع بين الإمارات المتعددة، ولكن أشرقت بوادر انتهاء عصر التشتت والتفكك في الجزيرة العربية في عام 1727م حين تأسست الدولة السعودية الأولى على يد المؤسس الإمام محمد بن سعود وكانت عاصمتها ومنطلقها الدرعية.

استكمل نسل الإمام محمد بن سعود مجد جدهم، فعلى خطى المؤسس محمد بن سعود استطاعوا أئمة الدولة السعودية الأولى توحيد الكثير من مناطق الجزيرة العربية ونشر الأمن والسلام وقاموا بنقلها إلى حقبة جديد اتسمت بالاستقرار واستتباب الأمن ونشر العلم والثقافة، وفيما يلي ذكر لأئمة الدولة السعودية الأولى بعد مرحلة التأسيس:


الإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود -رحمه الله (1765-1803م)

 الإمام الثاني للدولة السعودية الأولى، نشأ وترعرع رحمه الله في أحضان أسرة حاكمة ذات علم ومعرفة فقد تولى والده محمد بن سعود الحكم وكان عمره ست سنوات وقد استعان به في أمور البلاد والدفاع عن الدولة ضد خصومها وهو دون العشرين من العمر مما أسهم في تشكيل شخصيته ونمّى فيه شخصية القائد ذو الفطنة والخُلق الحسن والعلم وهذا ما عُرف منذ نعومة أظافره.

كانت الدرعية في عهد الإمام عبدالعزيز بن سعود لا تنفك عن وفود أهل العلم ووجهاء القوم وطلبة العلم لِما أصبحت عليه الدرعية من مركز حضاري وعلمي في عهده رحمه الله، ودعمًا منه خصص من بيت المال رواتب و مكافآت تصرف على طلبة العلم وكان للمتميزين والنابغين منهم جوائز فوق ذلك.

كان الإمام عبدالعزيز مشهورًا بعدله وحزمه وهذا ما نشر الأمن والاستقرار في الدولة، فقد أسس الإمام عبدالعزيز نظام قضائي مستقل واختار القضاة بناءً على كفائتهم العلمية والدينية ونزاهتهم وجعل لهم مرتبات تُصرف من بيت المال لكي لا يأخذوا أجر التقاضي من المتخاصمين.

‏وتوفي الإمام عبد العزيز في عام 1803م نتيجة طعنة تلقاها غدرًا أثناء سجوده في صلاة العصر من قِبل شخص ادّعى انه أتى للدرعية لتلقي العلم ولكنه كان مرسل من القوات العثمانية المعتدية. 

 

الإمام سعود بن عبدالعزيز-رحمه الله- (1803-1814م)

 ‏هو ثالث أئمة الدولة السعودية الأولى وقد نشأ رحمه الله كما نشأ أبوه وجده في بيت إمارة وعلم، وكان معروفًا عن الإمام سعود الفطنة وسرعة البديهة وملكة الحفظ، وكان فقيهًا بالشرع وذو نباهة.

ومن المعروف عن الإمام سعود بأنه قائد عسكري فذ، فمنذ قيادته للجيش في عهد والده وحتى عهده لم يذق للهزيمة أي طعم, بل كان مشهورًا بالتكتيكات العسكرية العبقرية وكانت معارك الإمام سعود وحروبه لهدفٍ سامي كما كان والده وجده كذلك، فكان هدفه رحمه الله نشر الأمن والسلام في المنطقة والقضاء على المعتدين الظلمة.

‏وكان الإمام سعود مشهور بالكرم وحسن الضيافة والتواضع.

توفي الإمام سعود بن عبدالعزيز في سنة 1814م بعد حكمٍ عامرٍ بالإنجازات والمجد ونشر الأمن والسلام في الجزيرة العربية.

 

الإمام عبدالله بن سعود -رحمه الله- (1814- 1818م)

 ‏الإمام عبدالله بن سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود هو الإمام الرابع والأخير للدولة السعودية الأولى، ولّاه والده الإمام سعود بن عبدالعزيز قيادة الكثير من المعارك وكان الإمام عبدالله مستشارًا له في كثير من أمور الدولة المهمة مما أسهم في إبراز شخصيته القيادية والعسكرية بشكل كبير، وقد اشتهر الإمام عبدالله بالشجاعة والفروسية منذ سن صغيرة.

شارك رحمه الله في توحيد أجزاء الدولة الشمالية وتولى الحكم في خضم المعارك بين الدولة السعودية وبين القوات العثمانية الغاشمة، وقام بردعهم في معارك ومواقع متعددة، وقاد الإمام عبدالله بن سعود معركة الدفاع عن الدرعية وصمد بثبات لمدة ستة أشهر ولكنه رحمه الله قد خشي على أهل الدرعية من ظلم واستبداد القوات العثمانية المعتدية فأعلن استسلامه مقابل ضمان سلامة أهالي الدرعية ولكنهم لم يفوا بوعدهم وخانوا الميثاق.

قُتل رحمه الله في عام 1819م في إسطنبول بعد ان سطّر أروع معاني التضحية والفداء لشعبه، وترك لنا سيرة بطل وعلم من أعلام الجزيرة العربية الذين يضرب بهم المثل.


قائمة المراجع:


كاتب المقال: محمد الأسمري (فريق عمل مبادرة ثراء)


2 Comments

Rated 0 out of 5 stars.
No ratings yet

Add a rating
Guest
Feb 21
Rated 5 out of 5 stars.

.

Like

Guest
Feb 20
Rated 5 out of 5 stars.

مقالة رائعة ومعلومات اثرائية جميلة شكرًا

Like
bottom of page